عبر المجلس الأعلى للسلطة القضائية من خلال بلاغ له، عن إدانته الشديدة لما ورد في قرار البرلمان الأوروبي الصادر يوم الخميس 19 يناير من إدعاءات لا تستند على أي أساس من الواقع.
كما أعرب المجلس، في بلاغ له بعد إطلاعه على قرار البرلمان الأوروبي، والذي تضمن إتهامات ومزاعم خطيرة تستهدف إستقلال السلطة القضائية، من خلال تحريف الوقائع والتشكيك في شرعية وقانونية الإجراءات القضائية المتخذة بشأن قضايا بعضها صدرت فيها أحكام باتة، والبعض الآخر ما زال معروضا على أنظار القضاء، عن أسفه لتشويه المعطيات المتعلقة بالقضايا التي تطرق لها والتي تخالف حقيقة الوقائع المذكورة، والتي جرت بشأنها المحاكمات وفقا للقانون وفي إحترام تام للضمانات الدستورية ولكافة شروط المحاكمة العادلة كما هي متعارف عليها دوليا.
كما إستنكر المجلس الأعلى للسلطة القضائية من خلال هذا البلاغ الذي صدر عقب إجتماع له، اليوم السبت 21 يناير، وتلاه مصطفى الابزار الأمين العام للمجلس، بشدة “ما قام به البرلمان الأوروبي من تنصيب نفسه كهيئة لمحاكمة القضاء المغربي بشكل سافر ومنحاز، ينبني على تحامل غير مبرر على المؤسسات القضائية للمملكة، ولا يولي أدنى إعتبار لإستقلال القضاء”.
كما عبر عن رفضه التام والمطلق للتدخل في القضاء ومحاولة التأثير في مقرراته، سيما وأن بعض القضايا المعنية ما تزال معروضة على المحاكم، وهو ما يخالف كل المواثيق والأعراف الدولية ومبادئ وإعلانات الأمم المتحدة المتعلقة بإستقلال القضاء.
كما ندد المجلس الأعلى للسلطة القضائية بشدة بما تضمنه القرار من دعوة لممارسة الضغط على السلطة القضائية للإفراج الفوري عن الأشخاص الذين سماهم، معتبرا أن ذلك يشكل مسا خطيرا بإستقلال القضاء ومحاولة للتأثير عليه.
وفي السياق ذاته، أكد المجلس رفضه للمغالطات الواردة في القرار والتي تكذبها الحقائق الثابتة في ملفات المعنيين بالأمر، والتي إستقاها القرار من بعض المصادر التي تتبنى مواقف أحادية دون التوفر على أدلة أو معطيات صحيحة.
كما أكد المجلس على أن الأشخاص الواردة أسماءهم في القرار المذكور إستفادوا من جميع ضمانات المحاكمة العادلة المقررة قانونا، ومن بينها تمتعهم بقرينة البراءة ،ومن حقهم في الدفاع والحصول على جميع وثائق القضية، والمحاكمة العلنية الحضورية، وإستدعاء الشهود ومناقشتهم، وإجراء الخبرات القضائية، وممارسة الطعون، وغيرها من الضمانات الأخرى التي يتضمنها القانون المغربي كما هي منصوص عليها في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان المصادق عليها من طرف المملكة.
كما شدد على أن الوقائع موضوع محاكمة الأشخاص المذكورين في قرار البرلمان الأوروبي غير مرتبطة بنشاطهم الصحفي أو بممارسة حريتهم في الرأي والتعبير التي يضمنها الدستور والقانون، وأن التهم الموجهة إليهم تتعلق بقضايا الحق العام، من قبيل الإتجار في البشر والإعتداء الجنسي وإستغلال هشاشة الأشخاص وهي أفعال تجرمها مختلف قوانين العالم.
كما رفض المجلس الأعلى للسلطة القضائية إزدواجية المعايير التي جاءت في قرار البرلمان الأوروبي، حيث كان من الواجب عليه أن يدين الإعتداءات الجنسية التي تعرض لها الضحايا والتي يجمع المنتظم الدولي على تجريمها ومعاقبتها بدل الدفاع عن مجموعة من المغالطات والإدعاءات غير الصحيحة.
وأكد المجلس على أن المغرب قطع أشواطا جد مهمة في السنوات الأخيرة في مجال تكريس إستقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية منذ سنة 2017، فضلا عن التجسيد الدستوري لإستقلال السلطة القضائية بمقتضى دستور 2011 والذي تم على إثره إحداث المجلس الأعلى للسلطة القضائية سنة 2017، وذلك في توافق مع المعايير الدولية الجد متقدمة في مجال إستقلال القضاء والتي ما زالت بعض الدول الأوروبية بعيدة عن تحقيقها.
وشدد المجلس الأعلى للسلطة القضائية على تمسك القضاة بإستقلاليتهم، بقدر إلتزامهم بحماية الحقوق والحريات، وتوفير شروط المحاكمة العادلة، بإعتبار ذلك واجبا دستوريا وقانونيا وأخلاقيا.
وأكد المجلس الأعلى للسلطة القضائية حرصه على الإضطلاع بدوره في حماية إستقلال القضاء من كل التدخلات والضغوط الخارجية كيفما كانت، طبقا لما هو مقرر في الدستور وفي قانونه التنظيمي.